الجمعة، 12 يونيو 2009

الدين وحرية التعبير(3 )

المشكله الرئيسيه التى بدأت مع النهضه العربيه الحديثه قبل قرنين من الزمان ،تمثلت فى ازدواج مرجعية هذه النهضه،بين
المرجعيه المدنيه والمرجعيه الدينيه.وظهر هذا فى التعليم والنضال الوطنى والفكر والتربيه،بدا"من رفاعه الطهطاوى ،مرورا"
بالافغانىومحمد عبده، وسعد زغلول ولطفى السيد وصولا" الى المفكرين الاحدث.
وقبل هذه النهضه، كانت بالطبع المرجعيه دينيه ،وكانت الناس تلجأ لرجال الدين والفتوى .فى حل مشاكلهم فلم تكن قد وضعت دساتير او قوانين،ولكن بعد نشوء الدوله الحديثه بمؤسساتها وهيئاتها وتشريعاتها وقوانينها، كان من المفترض ان تكون المرجعيه الوحيده
هى المرجعيه المدنيه اى مرجعية القوانين.كما فى كل الدول الحديثه.. لكن هذا لم يحدث فى حالة نهضتنا العربيه الحديثه.
لذلك ظل مجتمعنا منقسما" مشروخا" بين المرجعيتين. احداهما تشده للامام والدينيه تجره الى الخلف.
هذا التفسخ الرهيب فى جسم الكيانات العربيه الراهنه هو الذى يكمن وراء كل مشكله تتضارب فيها الرؤيتان الدينيه و المدنيه
ويتعارض فيها الاتباع والابداع.
ولقد توسعت اختصاصات مجمع البحوث الاسلاميه احدى مؤسسات الازهر فى السنوات الاخيره،ومنحته السلطات السياسيه
الحق فى التدخل فى كثير من الشئون الفكريه و الحياه المدنيه،بل وصل الامر الى انه يقف احيانا فى مواجهة توجهات السلطه
السياسيه نفسها.وهو مدعوم من السلطه السياسيه
(1) استشارة السلطه له فى امور تحددها هى.
(2)الماده الثانيه من الدستور والقوانين الكافله للحريات تذيل دائما بعبارةفى اطار المبادىء العامه للمجتمع وثوابت الامه.
(3)االماده الثانيه تعطيه سندا" وحمايه.
(4) مجلس الدوله اصدر فتوى 1993 بمنح مجمع البحوث الاسلاميه حق الضبطيه القضائيه على الكتب والمصنفات الثقافيه والفنيه.
(5) توقع مصر على مواثيق الحقوق الانسانيه الدوليه بعبارة فى اطار الشريعه الاسلاميه.
وبهذه التدعيمات الخمسه صار مجمع البحوث الاسلاميه يفتى فى كل شأن،حتى ولو كان غير دينى ،ويصدر تدخلات فى الفن
والشعر والموسيقى والسينماوسائر الفنون. واكتسب قداسه ليس لمجرد انتسابه لللأزهر بل صار يشكل مع الشيوخ غير الازهريين
كهنوتا" دينيا"يفرض رأيه على البلاد والعباد.و يحتكرالدين بمنظوره السلفى الضيق.
وقد يكون الدين مقدس لكن مجمع البحوث الاسلاميه ليس مقدسا"ورجاله ليسوا مقدسين.
ولاكهنوت فى الاسلام.
والى حلقه جديده...